لم يعد عصفورا

[القصة بقلم مها الغنام
اشراف / الاستاذ الدكتور ابو المعاطي خيري

اعتاد أن يستيقظ مبكرا يغرد ببهجة لايقاظ من حوله من عصافير وبشر
يجمع بعض الحبوب من الحقل فيأكل ويطعم صغاره وصغار الأخرين يجمع بعض خيوط القش ليرمم عشه الصغير ويدخر بعضا منها لعل احدهم يحتاج إليه ،
يأخذهم للتحليق عاليا في الفضاء الفسيح يتسابقون ويغنون أغاني الحرية ، اعتاد أن يحب كل من حوله أو يسأل عن المرضى الذين يغيبون عن حفلات السمر
هو ينثر الفرحة على الكون كله اينما ذهب ، لا يعتقد أنه مثالي ولكنه دائما يقول أن السعادة الحقيقية إنما هي اسعاد من حولنا وتلبية رغباتهم وحاجاتهم
وذات ليلة خطر بباله أن يقيم مبارة للعصافير لاختبار قدارتهم على الطيران وتنميتها والفائز سيحصل على كمية كبيرة من افضل الحبوب ويقام له عشا جديدا على اكبر وأعلى شجرة في الحقل كله وفعلا تم الترتيب للمبارة وأقيمت
وفاز بها احد العصافير ولكنه ابى ان يأخذ الجائزة قائلا ان العصفور المنظم او العصفور الاب – هكذا اطلق عليه – هو احق بالجائزة منه لأنه يعلمهم كيف يحبون بعضهم
وكيف يتعاونون وكيف يعيشون سعداء بكى العصفور الأب كثيرا كانت تلك اللحظة اسعد لحظات حياته
ولكن يبدو أن البعض لم يعجبهم التفاف صغارهم حول هذا العصفور الغريب الأطوار الدائم التفاؤل
فصغارهم يتبعونه اكثر مما يتبعون ابائهم ويسهرون عنده ويعودون متأخرا
وذات صباح استيقظ العصفور الأب مبكرا كعادته يغرد ويغرد وذهب لاحضار الحبوب
وبينما هو على ذلك الحال سمع صراخ العصافير رآهم يفرون إلى كل مكان انفعل العصفور
وطار مسرعا متجها لعشه فكانت الصدمة لم يجد صغاره في عشهم التفت يمينا ويسارا فإذا بالصياد يحملهم وهم ..
موتى طار خلفه وهو يبكي اصابه الصياد برصاصة لكنها اصابت احدى جناحيه اصابه غير بالغة غاب عن الوعي استيقظ ليجد نفسه في عشه الكئيب
وحوله بعض العصافير يواسونه ويحاولون جاهدين أن يهونوا عليه ولكن سدى هو يرى مناقيرهم تتحرك ولكنه لا يستطيع أن يسمعهم

ظل صامتا لعدة ايام علم بعد ذلك ان ما حدث لصغاره كان بمساعدة بعض العصافير الحاقدة عليه اشتاط غيظا أخذ يصرخ بطريقة هيستيرية ..
تغير العصفور الصغير رأى نفسه في المرآة عيناه أكثر اتساعا شديدة الاحمرار ريشه مبعثر على جسده اجنحته بدت أكبر من حجمها الطبيعي
أخذ يحوم حول منزل الصياد وذات مرة رآه يخرج من منزله يحمل بندقيته واتجه نحو الحقل القى العصفور بعض القش المحترق داخل المنزل أخذ المنزل يحترق ويحترق
والعصفور الوحش يراقب عن بعد ما يحدث للمنزل يضحك ويبكي يضحك ويبكي عاد إلى عشه استغرق في النوم
وهو هادئ البال انتشر خبر احتراق منزل الصياد في الصباح وأخبر به العصفور فاصطنع الاندهاش وأخذ يسأل كيف حدث ذلك ؟ يبدو هذا غريبا
وبعد عدة ايام اختفت ثلاثة اعشاش وبدت أشجارهم خاليه تماما من القش أخذت العصافير تبحث عن قش أو اي شيء يصلح لبناء اعشاش جديدة فلم يجدوا فتركوا الحقل وهاجروا خوفا على حياتهم

ويبدو ان احدهم قد شاهد العصفور الأب يفعل ذلك وعندما علم الحقل كله بالخبر لم يلمه احد يبدو ان احدا لم يجرؤ على فعل ذلك تغير حال الحقل كثيرا فالعصافير خائفة في اعشاشها لا تغريد .. لا مسابقات .. ال حفلات سمر .. لا سعادة
وبعد يومين اتت عصفورة من الحقول المجاورة تسأل عن العصفور الأب فهي احدى اقاربه وعندما سألت بعض العصافير اجابوها بأسى وحزن شديدين لم يعد ............. عصفورا