مصر أولا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مصر أولا

منتدى التسويق الاجتماعى لادارة بندر كفر الدوار التعليمية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بعثرة المقاطع فى رواية السكة الجديدة لسعيد بكر

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أبو المعاطى خيرى الرمادى




عدد الرسائل : 2
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 09/10/2008

بعثرة المقاطع فى رواية السكة الجديدة لسعيد بكر Empty
مُساهمةموضوع: بعثرة المقاطع فى رواية السكة الجديدة لسعيد بكر   بعثرة المقاطع فى رواية السكة الجديدة لسعيد بكر Icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 21, 2008 10:35 pm

بعثرة المقاطع فى رواية السكة الجديدة
لـ...سعيد بكر

د/ أبو المعاطى خيرى الرمادى
سعيد بكر واحد من أبناء الإسكندرية له عالمه الخاص , وطريقته الخاصة فى الكتابة , استطاع بتميزه فرض اسمه على الساحة الأدبية فى مصر والعالم العربى ,لكنه ـومع تميزه وغزارة إنتاجه ـ* لم ينل حقه من الدراسة كما ينبغى أن تكون الدراسة , ولمتسلط عليه الأضواء كما ينبغى أن يكون التسليط . شأنه شأن كل أبناء الأقاليم المغضوب عليهم لبعدهم عن القاهرة .
إن أول ما يلفت النظر فى رواية " السكة الجديدة " للروائى سعيد بكر هو التكنيك الخاص الذى استخدمه الكاتب فى عرض أحداثه . فالرواية مقسمة إلى ثلاثة وسبعين مقطعا , كل مقطع يمثل جزءا من حكاية , أو بنية جزئية تتحد مع بنى جزئية أخرى لتكون هيكل الرواية , وما يلفت النظر ـ أيضا ـ هو بعثرة هذه المقاطع ليس داخل البنى الجزئية بل داخل هيكل الرواية , لكنها البعثرة المقننة , البعيدة كل البعد عن الفوضى الخالقة عالما من الطلاسم , وجوا من الغموض المحير القارىء فى أثناء عملية التلقى. فالقارىء لا يشعر بعدم الانسجام عند الانتقال من مقطع إلى مقطع رغم تغاير المستوى , وأرجع ذلك إلى " المكان " فهو مركز الاستقطاب فى الرواية , فهو لم يبتعد عن وكالة الليمون , تحت سور السكة الجديدة " إلا مرة أو مرتين ,وهى مناطق متشابهة إلى حد بعيد فى التكوين المعمارى , والتكوين البشرى , ومستوى الشخصيات الاجتماعى, والعقلى , وفى المحرك الأيديولوجى.
وهذه البنى هى :
1ـ حكاية عنتر
2ـ حكاية أم منصور
3ـ حكاية بسيمة وهشام
4ـ حكاية مدحت
5ـ حكاية عائلة عشرى
6ـ حكاية دسوقى وفتحية
7ـ حكاية عائشة وسيد
8ـ حكاية زغلول النحال
9 ـ حكاية يحيى
وهى بنى رأيتها تمثل الخطوط العريضة فى الرواية فمن الممكن أن نستخرج منها بنى جديدة صغيرة , فمن حكاية " دسوقى وفتحية " يمكن استخراج حكاية " كبارة " , ومن حكاية " زغلول النحال " يمكن استخراج حكاية " والدة عبد العزيز " , وحكاية " دلال " , ولكننى آثرت عدها مقاطعا فى بنى لكونها مقاطع ذات تأثير خاص , بدونها ستفقد البنية الجزئية وجودها .
وإذا ما نظرنا إلى المقاطع المكونة لهذه البنى الجزئية فسنجدها متباعدة بشكل يلفت النظر , فحكاية " عنتر " تتكون من خمسة مقاطع هى المقاطع [ 3,18 , 35, 46, 55 ] وحكاية " عائشة وسيد " تتكون من ثمانية مقاطع هى المقاطع [ 15, 27, 30, 44, 57, 62, 65] وما ينطبق على هاتين البنيتين ينطبق على بقية بنى الرواية .
إن بعثرة البنى بهذا الشكل الذى يبدو للمتلقى العادى عشوائيا ترك أثره على مكونات الرواية فالشخصيات جاءت كلها مأزومة تعانى معاناة ذاتية, ومعانة عامة.
" عنتر" يعانى من ضعفه الجنسى , معاناة جعلته يرى نظرات زوجته زهيرة " <<خناجر مشرعة فى وجهه ..تطعنه بلا رحمة .. تفقده إحساسا بحلاوة اللحظة >> (1) ويرى فى << عين الجميع مرآة تعكس عجزه .. أصابع اتهام تشير إلى ضعفه .. وفى كل شفاه بسمة ساخرة وهمسة تقول أنت لم تعد رجلا (2)
و" أم منصور " تعانى من ترك بيتها بعد وفاة زوجها " بكرى " , ذلك البيت الذى << شهد أحلى وأتعس أيامها .. شهد ولادة بكريها منصور وولادة عائشة ويحيى >> (3)
و" يحيى " يعانى من الجرم الذى ارتكبه بممارسته الجنس مع زوج أخيه رجاء ,معاناة تقتل معانى الحياة بداخله,تفتت أوصاله فقد كان كلما طافت ذكرى الخطيئة أمام خاطره يرى << خنــجرا مغموسا بالغضب ينحر قلبه >> (4)
و" بسيمة " تعانى من تجاهل ابنها هشام " لها , ومن الصمت الذى غاص فيه << إذا أراد شيئا يشير بإصبعه وما عليها إلا أن تلبى >> (5)
و" دسوقى وفتحية " يعانيان من ماضيهما البعيد " دسوقى " يعانى من الفكرة الشائنة التى علقت فى ذهن الناس عنه , فالكل ينظر إليه على أنه شارب الخمر , سارق صندوق المسجد , و" فتحية " تعانى من نظرات الناس التى تذكرها بمراقبتها << صبـــية الحارة من خلف خصاص النافذة عساها أن تستدرج أحدهم إلى غرفتها >> (6).
و" البكاتوش " يعانى من خوفه الشديد على ابنه الوحيد " مدحت " , و "مدحت " يعانى من جبروت السلطة التى لا ترحم أصحاب الفكر الذين يخالفون فكرها , و"عبد العزيز" يعانى من فشل ابنه " زغلول" , و" زغلول " يعانى من السقوط فى مصيدة العقيد "عبد الراضى " وأخته " دلال " , و " كبارة " يعانى من رحيل ابنه " فكرى " , و" عائشة" تعانى من مرض وحيدها " سيد " , وسفر زوجها " عبد السلام " المستمر ,و " أم محمد " تعانى من المرض ومن الخوف على ابنها " محمد " الذى بلغ الخمسين ولم يتزوج , و"محمد " يعانى من ضياع حبه الأول , والضانى " تعانى مـن هجر خلف السبع لها , ومن وضعها فلا هى متزوجة ولا هى المطلقة , و" منصور " يعانى من ضياع " الضانى " حبه الأول .
إنه عالم من المعاناة نسج سعيد بكر خيوطه بمهارة فصنع لنالوحة من الألم أطرها بإطار من الاستعطاف,عندما جعل الشخصيات كلها معانية من حالة اللاسلم واللا حرب التى سادت بعد هزيمة يونيو 1967, ولم يخرج عن هذا الإطار سوى شخصية وحيدة لم تعان رغم أنها أرض خصبة للمعاناة , هى شخصية " رجاء" ولا أدرى سببا لتعاطف الراوى معها.
وقد أثرت هذه البعثرة ـ أيضاـ على الوصف ,فالكاتب لم يهتم بوصف شخصياته وصفا حسيا , فالرواية تكاد تخلو من الوصف الذى يجعل للشخصية كيانا داخل النص ويميزها عن بقية الشخصيات .
وأثرت على نموها ـ أيضاـ فجاءت كلها بسيطة مسطحة باستثناء شخصيتى " يحيى وهشام " اللتان تطورتا تطورا فكريا فقط , لم يستغله الكاتب .
كما أنها ـ البعثرة ـ اقتربت بالرواية من السيناريو فكل مقطع يكاد يكون مشهدا مستقلا نتيجة لوحدة المكان فقليلا ما يحتوى المقطع الواحد على أكثر من مكان , وإن حدث فإن ذلك يكون بسب تتبع حركة الشخصيات وقد ساعد على هذا الاقتراب من السيناريو عدد الشخصيات المحدود داخل كل مقطع , وقلة حركة الشخصيات فحركتها محدودة من خلال السرد الذى يؤدى وظيفة وصفية , فهو لا يقتصر على إبراز الأحداث ـ لأنه لا تكاد توجد أحداث ـ بل يصف حركة الشخصيات الخارجة والداخلة إلى دائرة القص فهو معادل لفظى لمشاهد بصرية وهو مناسب مع طبيعة العلاقة بين الرواية والسيناريو .
وبالإضافة إلى ما سبق فإن بعثرة المقاطع أجبرت المتلقى على قراءة الرواية بعناية حتى نهايتها فهو من المقطع الأول حتى المقطع الثانى والسبعين لا يستطيع الإمساك بتلابيب حدث , أو بنية جزئية كاملة المعالم, ولا يستطيع تحديد ملامح النهاية إلا إذا قرأ الرواية كلها حتى مقطعها الثالث والسبعين ـ إشارة على عام النصر على العدو الصهيونى وزوال آلام النكسة ـ الذى يتجمع فيه شتات الحكايات المبعثرة , ولهذا الإجبار على إتمام القراءة غاية فنية فهو يجعل المتلقى بشكل أو بأخر مشاركا فى الأحداث

إذا اعتبرنا آثار بعثرة المقاطع التى عرضتها آثارا إيجابية فلابد أن أشير إلى آثارها السلبية على العمل الروائى عامة من خلال رواية السكة الجديدة " , فقد جعلت الكاتب يهمل شخصيات لو أعطاها مساحة من الاهتمام مثلما أعطى" مدحت و زغلول " كانت ستثرى الرواية فنيا , مثل شخصية " فرج سعفان " صديق "يحيى " المتدين ، شخصية " بدوى"وشخصية "هشام " وأجبرته على معالجة مواقف حساسة ـ إذا ما وضعناها فى سياقها التاريخي معالجة سريعة مع أن الوقوف أمامها كان سيثرى الرواية لا شك , مثل الجلسة التى جلسها الأستاذ "عبد الحميد الكردى" مع الحاج صاحب المكتبة ، التى دارت حول الكتاب الذى ألفه ورغب الحاج فى طبعه وتوزيعه على نفقة المكتبة ؛ لأنه كما يقول: << موضوع يجب أمن يثار وفى مثل هذا الوقت فهى فرصتنا الوحيدة التى نستطيع أن نقول فيها ما نريد دون خوف >> (7) , مرت هذه الجزئية سريعا مع أن الخوض في تفاصيلها يحتاجه المتلقى , ويحتاجه عمل يعرض آثار الحرب , الحالة السياسية فى مصر بعد وفاة عبد الناصر .
كما أنها ـ البعثرة ـ جعلته يسرع من أمام مواقف تحتاج إلى التريث ؛ لأهميتها , ولعدم وضوحها كما ينبغى الوضوح ,مثل لقاء " يحيى " بالأستاذ "حسن درويش " ذلك اللقاء الذى كان فى جوف الليل ، وفى مكان يثير الشبهات حتى ولو كان من فيه ينقطعون للعبادة , فهذه الجزئية كان من الممكن استغلالها استغلالا جيدا للارتقاء بالرواية الراقية .,
ولا ادعى هنا تقصير "سعيد بكر " ؛ فهو كاتب مجيد مالك لزمام لغته , صاحب مقدرة عظيمة على الإمساك بكل الخيوط فى وقت واحد .

وأخيرا لابد أن أشير إلى أن المتلقى الذى يقتفى أثر الحكى لا الحكى ذاته هو القادر على إدراك غاية الحكى عند سعيد بكر , فالرواية تشبه لوحة مكونة من قطع فسيفساء صغيرة متناثرة ليس لواحدة منها قيمة فى ذاتها , لكنها تستمد قيمتها من مجاورتها لقطع أخرى , ومن يرد الاستمتاع بهذه الفسيفساء والبحث عن قيمتها الفنية فعليه أن ينظر للرواية نظرة كلية، ثم يقف أمام أسئلة يطرحا النص عن عدد المقاطع الثلاثة والسبعين , وترتيب الحكايات داخل المقاطع , والتقنية التى عرض بها الكاتب رؤيته .


إن رواية السكة الجديدة " رواية تستحق القراءة , وتستحق الدراسة , فهناك جوانب أخرى كثيرة فى الرواية يستطيع الدارس أن يقف أمامها , مثل وظيفة السرد , وصورة المرأة , وأبعاد المكان , والتجريب وهى أمور البحث فيها ممتع ومفيد للدارس والمتلقى .

الهوامش :
*صدرت له روايات البدء والأحراش 1980 , لمسات 1982 , وكالة الليمون 1984 , الفيافى 1990 , السكة الجديدة 1996 , متواليات باب ستة 2000 ,ومجموعات قصصية مثل " ترنيمات قديمة " 1980 , " تحت قدم رمسيس 1981 , " عويل البحر " 1983 , الصعود على جدار أملس " 1986, هزيمة فرس أبيض " 1986 " الشمس لا تدخل القبو " ,1995 شهقة 1998

1ـ السكة الجديدة : الهيئة العامة للكتاب 1994 ص 190
2ـ السابق: ص 192
3ـ السابق: ص 32
4ـ السابق: ص 7
5ـ السابق: ص 36
6ـ السابق: ص 49
7ـ السابق: ص 259





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عادل التونى
المدير
المدير
عادل التونى


عدد الرسائل : 137
الموقع : سنابل منتدى الزراعيين
تاريخ التسجيل : 11/08/2008

بعثرة المقاطع فى رواية السكة الجديدة لسعيد بكر Empty
مُساهمةموضوع: رد: بعثرة المقاطع فى رواية السكة الجديدة لسعيد بكر   بعثرة المقاطع فى رواية السكة الجديدة لسعيد بكر Icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 22, 2008 12:12 am

د/ أبو المعاطى خيرى الرمادى
دائما
ننتظر ابداعاتكم
دمتم بخير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بعثرة المقاطع فى رواية السكة الجديدة لسعيد بكر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مصر أولا :: نادى مصر اولا :: ابداعات الاعضاء-
انتقل الى: